تابعونا
النزاهة من اسمى المبادئ التي يتوجب على كل عسكري الالتزام بها تحقيقاً للمصلحة العامة للدولة الفلسطينية، لتكون فوق أي مصلحة شخصية بما يقتضيه ذلك من الامتناع عن استخدام الصلاحيات الممنوحة للعسكري،من اجل تحقيق مصالح شخصية
الرئيسة/  الارشاد الديني

فضل الشهيد ومكانته

2021-09-27

بسم الله الرحمن الرحيم

فضل الشهيد ومكانته

 

اختصّ اللهُ عز وجل الشهيد بمكانة سامية سامقة لا تدانيها مكانة.. في الدنيا ويوم القيامة وفي جنات الخلود.. ومن عظيم كرم الله تعالى لهؤلاء الشهداء الذين باعوا أنفسهم من أجل الله، وتساموا على ما يحبون، وتغلبوا على شهواتهم، واسترخصوا الحياة في سبيل الظفر بالشهادة نيْلا لإرضاء لله؛ أنه تعالى اختار لهم خير الأسماء والألقاب.. وخير الذكر.. وخير الخلود... اختار لهم مكانة رفيعة تعد مضرب المثل في العلو والسمو والتسامي والمعالي، تلك المكانة التي لا يصل إليها إلا الأنبياء والمرسلون والشهداء، ومَن اختارهم الله تعالى من عباده الصالحين.

لماذا سمي الشهيد شهيدا؟

لقد سمَّى اللهُ تعالى ذلك الشخصَ الذي قُتل في سبيله، وفي سبيل الحفاظ على بيضة الدين، وحماية الوطن "شهيدًا".. والشهيدُ في أصل اللغة من الشهود والحضور، من شهد يشهد شهودا فهو شاهد ومشهود، ولا يكون ذلك إلا بالحياة؛ لذلك فالشهداء أحياء عند ربهم، قال تعالى: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ* يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) (آل عمران: 169-171).

وصدق القائل العظيم جل وعلا: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ (التوبة: 111).

تزاحم الصحابة على الشهادة:

لقد أيقن الصحابة الكرام (رضوان الله تعالى عليهم) أهمية الشهادة ومكانة الشهيد؛ فسمت نفوسهم، وتزاحموا على الشهادة، ليضربوا للعالمين أروعَ الأمثال في إيثار ربهم بأرواحهم وتقديمها قربانا له جل وعلا.

فهذا صحابي جليل يسمى عمرو بن الجموح (رضي الله عنه وأرضاه) جاء إلى رسولِ اللهِ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) يومَ أُحُدٍ فقال: يا رسولَ اللهِ مَن قُتِل اليومَ دخَل الجنَّةَ؟ قال: (نَعم) قال: فوالَّذي نفسي بيدِه لا أرجِعُ إلى أهلي حتَّى أدخُلَ الجنَّةَ، فقال له عُمَرُ بنُ الخطَّابِ: يا عمرُو لا تأَلَّ على اللهِ فقال رسولُ اللهِ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم): (مَهلًا يا عُمَرُ فإنَّ منهم مَن لو أقسَم على اللهِ لَأبَرَّه: منهم عمرُو بنُ الجَموحِ يخُوضُ في الجنَّةِ بعَرْجَتِه) (صحيح ابن حبان).

أنواع الشهادة:

تتنوع الشهادة إلى ثلاثة أنواع، الأول: شهيد الدنيا والآخرة، الثاني: شهيد الدنيا، الثالث: شهيد الآخرة.

     فشهيد الدنيا والآخرة، هو الشهيد الذي قتل في ساحة المعركة من أجل الله، ومن أجل الدين والوطن مخلصا لله، مقبلا على الشهادة غير مدبر أو مولي الأدبار.

     وشهيد الدنيا، هو مَن دخل المعركةَ ليس لأجل الله، ولكن من أجل الدنيا؛ ليتحاكى الناس عن قوته وشجاعته وبطشه وشدته، أو دخلها رياء وسمعة، أو دخلها من أجل تحصيل الغنيمة، أو سرق من الأنفال، أو غلَّ منها، أو مَن مات فارًا من الحرب أو موليا الأدبار والعياذ بالله .

فعن أبي موسى الأشعري (رضي الله عنه)، قال: قال أعرابي للنبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): الرجلُ يُقاتلُ للمغنمِ، والرجلُ يقاتلُ ليُذْكَرَ، ويُقاتِلُ ليُرَى مكانُهُ، من في سبيلِ اللهِ؟ فقال: (من قاتلَ، لتكونَ كلمةُ اللهِ هي العليا، فهوَ في سبيلِ اللهِ) (أخرجه البخاري في صحيحه).

     وشهيد الآخرة، أصناف كثيرة عدَّها السيوطي ثلاثين، وزاد بعضهم عن ذلك بكثير.. ومنها: المقتول دون ماله، والمقتول دون عرضه، والمقتول دون مظلمته، والمقتول دون دينه، والمقتول دون أهله، وطالب الشهادة، والمقتول في طلب العلم، والمقتول في الغربة، ومَن مات مريضا بالطاعون، وكذا مَن مات مبطونًا، أو غرقًا أو حرقًا فهو شهيد..

يقول رسول الله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الْحَرِيقِ شَهِيدٌ، وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدة) (أخرجه أبو داود في سننه). ويلحق بهم مَن مات مِن أصحاب المصائر الفاجعة التي تُصيب الناس، لذلك توسع العلماء فيها قياسًا على هذا الحديث الشريف.

أحكام الشهيد:

الشهيد الذي قتل في المعركة (له أحكام فقهية تخصه وحده فقط)، أهمها:

-أنه لا يُغسَّل، حيث ذهب جمهور الفقهاء أن الشهيد الذي يُقتل في المعركة لا يُغسل، ويدفن بثيابه التي استشهد فيها، ولا يجوز أن يُنزع ثيابه، بل يجب أن تنزع عنه الجلود والحديد. فقد أخرج أبو داود في سننه أن النبي (عليه الصلاة والسلام)، في غزوة أُحد، أمر أن يُنزع عن الشهداء الحديد والجلود، وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم. أهـ.

- يستحب تكفين الشهيد بثوب واحد أو أكثر فوق ثيابه التي قُتل فيها،كما فعل النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بسيدنا مصعب بن عمير، وبسيدنا حمزة بن عبد المطلب (رضي الله عنهما).

- أنه يجوز أن نصلي على الشهيد، ويجوز أيضًا ترك الصلاة عليه، وكلاهما أمر حسن. فقد ثبت أن رسول الله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) صلى على الشهداء، وثبت أيضًا أنه ترك الصلاة على شهداء آخرين، فكلا الأمرين حسن.. والله تعالى أعلى أعلم.

وإذا كان الشهيد قد ضحى بنفسه؛ لنعيش نحن.. ونأمن نحن.. ونسعد نحن.. فإنه من الواجب الآكد علينا جميعا أن نرعى أسر الشهداء، فقد كان النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يزور أسر الشهداء ويتفقد أحوالهم، ويواسيهم، ويجبر خاطرهم، ويبشيرهم، وينفق على أبناءهم وذويهم ويساعدهم هو والصحابة الأخيار.

هنيئا لكم أيها السادة الشهداء والمرابطون لحراسة الدين والوطن والعرض والمال، وصدق الرسول الكريم القائل فيما أخرجه الترمذي في سننه: (عَينانِ لا تمَسَّهما النَّارُ : عينٌ بكت من خشيةِ اللهِ، وعينٌ باتت تحرسُ في سبيل اللهِ).

وبالله تعالى التوفيق

 

                                                      مديرعام الارشاد الديني

                                                         مقدم/ شكري خاطر   

26/9/2021

 

Developed by MONGID | Software House